غرس القيم الدينية والتربوية وبناء الإنسان

المدونة

تربية النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال أخرجت جيلاً قيادياً

المدونه

تربية النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال أخرجت جيلاً قيادياً

تربية النبي

تربية النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال الصغار تعاملا مبنيا على الرأفة والرحمة واللين والمراعاة لأحوالهم، وسيرة الحبيب مع الصغار أكبر دليل على تلطفه وحنانه معهم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يلاعب الأطفال. وحول الأساليب التربوية في القرآن والسنة في التعامل مع الأبناء سنتعرف على آراء رجال النفس والتربية والشرع من خلال تلك السطور.

الرسائل السلبية التي يبثها الآباء قد تكون مدمرة، وقد تحدث في شخصيات أبنائهم قروحا لا تندمل وآثارا يصعب على المدى البعيد زوالها، كما ان إشباع حاجة الحرية للأبناء انما يكون بإيجاد الوالدين لجو مريح محاور يؤسس الولاء للقيم باستخدام صمغ المحبة، وبالتالي يتحدد بهدوء، وثقة تعريف الحرية وحدودها، ومثل تلك المحاسبة تجعل سلطات الوالدين محترمة عند أبنائهما.

وصايا الرسول للأطفال متنوعة ومن أهمها قائمة الأسس التالية:

ان احترام قرارات الأبناء مطلب ضروري، كما انه مطلب لكل انسان، والاحترام هو حالة من الشعور بمعرفة قدر الذات والاعتزاز به دون غرور أو مغالاة، وقال: مما يؤسف له ان الاحترام يتيسر لبعض الناس، فهناك بيئات توفر الاحترام وأخرى تحرم أفرادها منه، فعندما ينظر الوالدان الى ابنهما نظرة دونية تقمع تلك النظرة مواهبه وتحرمه من أبسط مزايا الإنسانية، وهي التلذذ بفكرة حرة، وطموح مشروع، وعيش كريم، ولقمة مريئة ونومة هانئة.

وان إساءة معاملة الإنسان ستهوي به وبمجتمعه الى دركات نفسية واجتماعية سيكون ناتجها الخسارة الشاملة للجميع، وقد قال الله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)، كما قال تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن) وبالنسبة للصغير لا سبيل لتنشئته تنشئة محترمة إلا باحترام من حوله من الكبار والصغار له، كما أن الكبار بما يشكلون من سلطات مهيمنة على شخصية الصغير سيكون لهم أبلغ الأثر في إعمار نفسية الصغير، أو تدميرها ولعل أحد أبرز طرق هدي الرسول للأبناء هو نقل الاحترام للصغير رسائلنا في التفاهم معه والتحاور.

إن المحاولات الجادة للتحاور مع الصغار والتفاهم معهم تعكس الكثير من الرسائل التي يأخذها الصغار بكل جدية ويحملونها محمل الجد، ويلتزمون بمحتواها، وذلك لأن الطفل يصدق كل ما نقوله له، ويحمله في نفسه، ولأننا نشكل سلطات تتحكم في مصائر أبنائنا ولأنهم عالة علينا في طفولتهم، فإننا إذا ما أخبرناهم بشيء عن أنفسهم فلابد أن يكون الأمر كذلك بالنسبة لهم.

وبين أننا ككبار نشعر أحيانا بالتأثر البالغ الذي ربما أفقد بعضنا توازنه، أو أحبطه، أو ربما رفع من قدره عندما نستمع إلى توجيهات أو فتاوى، أو قرارات من سلمنا لهم من أهل السلطات الدينية أو الإدارية أو الاجتماعية، ونحن من نحن نضجا، وعقلا، واستقلالية، فكيف هو حال الطفل العالة المعتمد اعتمادا كليا على الكبار، فالطفل كما يقول الإمام الغزالي: «جوهرة نفيسة وهو أمانة في عنق والديه» وقد قال شاعرنا دالا على خطورة الكبار في صياغة نفسية الصغار: وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوّده أبوه.

الابداع في التواصل قرار جاد في التغيير نحو القدرة على كسب ثقة المراهقين الفتيات والفتيان يتخذه المربي ولا يقوى عليه المعلم ويعجز عنه المؤدي.

وان الابناء في مرحلة تكوين الشخصية التي تبدأ مع مرحلة المراهقة من 7 – 21 سنة يحتاجون الى خمسة قوانين يتبعها الآباء لتساعدهم في التواصل مع ابنائهم بسهولة وابداع، وهي: الكفاية الذاتية نجاح والاعتمادية فشل، تجنب القسوة والدلال، وايضا التعرض لجميع مجالات الابداع، وتعلم بذور العلم لانه حبل النجاة، واستخدام الاسلوب الصحيح في تربيتهم.

مهارات يمكن ان يطبقها الوالدان للوصول الى الابداع في التواصل بمرونة وسهولة مع المراهق، ومنها عدم التدخل في نوعية اصدقاء الابن، الا اذا كانت هناك معرفة تامة بهم، وعليهم ان يجدوا البديل لهؤلاء الاصدقاء فلا يتعدى الوالدان على حق ابنهما في اختيار اصدقائه، بل يعطيانه المفاهيم والمعايير الصحيحة في كيفية اختيار الاصدقاء ثم تترك له مساحة من الحرية للمصادقة، اما عن ايجاد البديل، فعلى الوالدين توضيح المعايير للابن، فمثلا يقول له الاب: يجب ان يكون صديقك بارا بوالديه، ملتزما بصلاته، مؤمنا، صادقا يتصف بالاخلاق الحسنة او ان يجعله يصاحب مجموعات لا افرادا، لان المجموعة فيها تنوع فيصبح الاختيار اكبر، لذلك لابد من منح الابن الحرية في اختيار اصدقائه لكن ضمن معايير ومفاهيم أبينها له دون ان افرضها عليه، بل ادعه يجرب بقلبه وعقله ويعايشها عن اقتناع.

ومن طرق الابداع ايضا في التواصل مع الابناء استخدام القصة في الحوار لتجمع بين العقل والقلب، فالقصص من اكثر الاساليب الناجحة في جذب انتباه المراهق وتشويقه لكن بشرط ان يجيد الوالدان اسلوب الحوار ويستخدما الوسيلة الصحيحة في رواية القصة.

وان التقدير بداية الفهم والمراعاة ثم اعطاء الكثير من الوقت لأبنائنا، اما عناصر التقدير فهي: «افهمني» وهو مطلب مهم جدا، والثاني «راعني» بأن يحترم نفسية الابن، اما تقدير «انتظرني» فيجب تحلي الوالدين بالصبر في تعاملهما مع الابن واعطائه الفرص في التعبير عما يريد والانصات اليه، اما عنصر «شوقني» فهو لتقدير شخصية الابن، ويعتمد على المراقبة والمحاسبة بجعل علاقة الابن بالابوين رسمية بعيدا عن التشويق والاثارة.

لقد تمثلت الرحمة بأرقى معانيها وأجمل أشكالها في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الرحمة المهداة للعالمين.

قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ـ الأنبياء: 107) ورحمة الرسول الكريم شملت الطفل وأحاطته فكانت رحمته بالطفل منهجا يقتدي به جميع العباد في تعاملهم مع الأطفال عامة.

الطفل يختلف اختلافا كبيرا عن الشخص الكبير وهذا الاختلاف يشمل السلوك والجسد والعقل، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى قد رفع الحساب والعقاب عن هذا الكائن الضعيف.. ويتجلى لنا ذلك من خلال قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المبتلى حتى يعقل».

وفترة الطفولة حساسة جدا، لذلك وجب الاهتمام بالطفل في هذه الفترة ورعايته.. وهذا ما عرف به رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسى دعائم ثابتة في كيفية التعامل مع الأطفال وتربيتهم مع مراعاة احتياجاتهم.

الطفل في حاجة دائمة الى عطف الآخرين ومحبتهم له، فكما يتغذى جسديا لينمو ويكبر، فهو في حاجة الى ان يتغذى عاطفيا من خلال المحيطين به، وهذا ما لم يتغافل عنه سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنه وعنده الأقرع بن حابس جالسا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «من لا يرحم لا يرحم».

وكان يحمل حفيده الحسن بن علي بن أبي طالب ويضعه على كتفيه الشريفين ويداعبه ثم يضمه ويقبله ويدعو الله قائلا: «اللهم أحبه فإني أحبه».

شاهد أيضا: آداب الطعام والشراب للأطفال.

والطفل في حاجة دائمة الى اللعب والمغامرة واللهو لما في ذلك من انعكاسات وتأثيرات ايجابية على شخصيته وفكره. فاللعب يفسح له المجال لتجريب القدرات واكتساب المزيد من المعارف وتجاوز الصعوبات والترفيه عن النفس.

هنا نسجل تواضع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع الأطفال ومشاركتهم لعبهم ولهوهم.. فعن جابر قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره الحسن والحسين.

  • وقال: جميل أن نقدم لأطفالنا الشكر إزاء عمل طيب قاموا به.
  • حيث ان الشكر يحثهم على تقديم المزيد من العطاء ويشجعهم على المضي قدما نحو فعل الخير والعمل الصالح. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على الشكر والثناء لكل طفل قام بعمل حسن.
  • قال ابن عباس ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهم علمه الكتاب».
  • وقال ابن عباس: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءا قال: من وضع هذا؟ فأخبر، فقال: اللهم فقهه في الدين.
  • ولما خدم أنس رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته.
تربية النبي
  • وزاد: كثير من الكبار من يتجاهل الأطفال ولا يلقون عليهم حتى التحية. الرسول الكريم تواضع لهذه الفئة البشرية ولم يتردد أبدا في إلقاء السلام عليهم.
  • فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على أطفال يلعبون.. فقال لهم: «السلام عليكم يا صبيان».
  • عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان النبي يفعله.
  • ولم يحرمهم من مشاركة الكبار في السلام.
  • قال صلى الله عليه وسلم: يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير.

ولفت الى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسعى دائما الى تعليم الدين للأطفال وحثهم على العلم والمعرفة، فقد اصطحب يوما عبدالله بن عباس وقال له: «يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» .

وختم العاقول بالقول إنه من الجميل أن يكتسب الأطفال القدرة على التصور والخيال. عن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أخبروني بشجرة تشبه المسلم أو كالرجل المسلم، لا يسقط ورقها وتؤتي أكلها كل حين، قال ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم، فلما لم يقولوا شيئا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. فلما قمنا، قلت لعمر: يا أبتاه، والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة، فقال: ما منعك أن تتكلم؟ قال: لم أركما تتكلمون فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئا، قال عمر: لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا.

وماذا يحتاج هؤلاء الأطفال غير ود يسعهم وقلب كبير يحبهم.

فلنلزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تربية أطفالنا على قواعد الاسلام وتنشئتهم تنشئة صحيحة، و ليكن هدفنا من هذه التنشئة هو مرضاة الله.

شارك

الوسوم

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top