غرس القيم الدينية والتربوية وبناء الإنسان

المدونة

Screenshot 2023-05-27 075938

منهج الإسلام في تربية الأولاد

Screenshot 2023-05-27 075938

المدونه

Screenshot 2023-05-27 075938

منهج الإسلام في تربية الأولاد

Screenshot 2023-05-27 075938

منهج الإسلام في تربية الأولاد لابد أن يصبح في صورة مختلفة وخاصة، فالأبناء غِراس حياة، وقطوفُ أمل، وقرة عين الإنسان، هم بُناة الغد، وهم رجاله: مفكِّروه وسواعده، ودروع أمَّته، وحماة استقراره، وهم في الإسلام مستودَع أمانات الآباء، يحفظون الدِّين، وينقادون لرب العالمين؛ من أجل ذلك وجَّه الإسلام عنايته إلى تربيتهم؛ حتى يسعد بهم المجتمعُ، ويصعدوا هم بالمجتمع، فلقد شمِلتْ عناية الإسلام جميعَ جوانب حياة الفرد؛ لينمو نموًّا متكاملاً، نموًّا يشمل: جسمه وروحه، وخلقه وعقله، وبالمحافظة على هذا النمط العالي من التربية الراقية، يربَّى المواطن الصالح، الذي يعرف حقوقه وواجباته، ويبنى الفرد المسلم القوي، الذي يعيش بعقيدته الصحيحة، وعقله الواعي، وخلقه القوي.

ونحن – أمةَ الإسلام – إذا أردنا لأنفسنا عزًّا ومجدًا علينا أن نعود إلى جوهر ديننا، علينا أن نربي الأجيالَ المسلمة على نمطٍ من الرجولة الحقة، والإنسانية الكريمة، النمط الذي لمسناه في المسلمين الأُول، حيث كانوا: قوة في العقل، وقوة في الروح، وقوة في الخلق، وقوة في الجسم.

منهج الإسلام في تربية الأولاد لابد أن يكون متكامل؛ يجب أن نصوغهم صياغة تتفق مع ما نؤمن به من عقائدَ ومُثلٍ عليا كريمة، مستمدة من كتاب الله – عز وجل – ومن سنة رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول أحد الكتّاب:

قال – تعالى -: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].

وقد تضرع إبراهيم إلى ربه أن يهبه الذرية، فقال: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 100، 101.

منهج الإسلام

وتضرع زكريا – عليه السلام – فقال: ﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 5، 6[

ولقد صوَّر كثير من الأدباء والشعراء أحاسيسهم بحب الأولاد، وهذه الصور – على تنوُّعها وتلونها – تصدر عن عاطفة واحدة، وطبيعة واحدة، هي طبيعة الحب الخالص، والود الصادق.

قال الأحنف لمعاوية وقد غضب على ابنه يزيد فهجره: يا أمير المؤمنين، أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم سماء ظليلة، وأرش ذليلة، وبهم نصول عند كل جليلة، إن غضبوا فأرْضِهم، وإن سألوك فأعطهم، وإن لم يسألوك فابتدئهم، يمنحوك ودَّهم، ويحبوك دهرَهم، ولا تنظر إليهم شزرًا، ولا تكن عليهم ثقيلاً؛ فيتمنَّوا وفاتك، ويكرهوا قربك، ويملوا حياتك.

والولد ليس ملكًا لوالديه فقط؛ بل هو ملك للأمة، ويسعد والداه، وتسعد الأمة بمقدار توفيقهم في حسن تربيته، وإعداده لرسالته في الحياة إعدادًا جسميًّا وخلقيًّا وعقليًّا، وتربية الولد واجبٌ مشترك، بين الوالدين، وبين الدولة، في المنزل والمدرسة، إلا أن الواجب الأول، والعبء الأوفى، يقع على كاهل الوالدين، وعلى الوالدة بخاصة في حال الطفولة والصغر؛ لأن تأثُّرَ الولد بوالدته في هذه الحالة يكون قويًّا.

وقد قدَّر الإسلام خطورة هذا التأثر، فمنع أن يتزوج المسلم المشركة؛ خوفًا أن يفتتن الأولاد في دينهم باتباعها وهذا منهج الإسلام في تربية الأولاد القويمة.

وقال الإمام الغزالي: “والصبي أمانة عند والديه، وقلبُه الطاهر جوهرةٌ نفيسة ساذجة، خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما يُنقش عليه، وقابل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عُوِّد الخير عَلِمه وعُلِّمه، ونشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه، وكلُّ معلم له ومؤدِّب، وإن عُود الشر، وأُهمل إهمال البهائم، شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه، الوالي له، وقد قال الله – عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6[

وقد أرشد الإسلام إلى قواعدَ عامةٍ لتربية الطفل جسميًّا وعلميًّا وخلقيًّا، فأرشد إلى ما يقوِّي جسمَه، ويشد عوده، بممارسة أنواع من الرياضة، كالمسابقة، والمصارعة، والرماية، والسباحة، وكان النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – القدوة العملية في ذلك؛ فعن سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه – قال: “مر النبي – عليه السلام – على نفر من أسلم ينتضلون، فقال: ((ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميًا، ارموا وأنا مع بني فلان))، قال: فأمسك أحدُ الفريقين بأيديهم، فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما لكم لا ترمون؟))، قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟ قال النبي: ((ارموا، فأنا معكم كلكم))”

وعن عمر – رضي الله عنه -: “علِّموا أولادكم السباحة، ومُرُوهم يثبوا على الخيل وثبًا”.

منهج الإسلام

منهج الإسلام في تربية الاولاد منهج التفنن والإبداع، فقد دعا الإسلام إلى تعليم الأولاد في تأكيد، فقال: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم))، ولم يقصرهم على لون منه دون لون، إلا أنه يرى أن أولى العلوم بالتعليم هو العلم الديني؛ لأنه الوسيلة إلى السعادة في الدنيا والآخرة، وبتعاليم الدين تستقرُّ النفوس، وتطمئنُّ القلوب، وتسعى في شؤونها راضيةً، لا يبطرها نجاح، ولا يذلُّها فشل؛ لأنها تكل مصاير الأمور إلى الله، وجعل التعليم من حق الولد على والده، وكل من الذكر والأنثى يأخذ ما يلائمه ويعينه على رسالته ووظيفته، فللمرأة أن تأخذ منه ما يعدُّها أن تكون زوجًا صالحة، تُسرُّ زوجَها، وتحسن القيام على شؤون منزلها، وأمًّا صالحة تحسن تربية أطفالها، وتوجِّههم إلى حياة فاضلة سعيدة، وللرجل أن يأخذ منها ما يعده للرسالة التي يختارها لنفسه، ويعينه على تحصيل رزقه.

وأرشد الإسلام إلى قواعد عامة في الفضائل وآداب الاجتماع، هي أسمى ما تصل إليه الآداب في أرقى المجتمعات، تتمثَّل في آيات القرآن الكريم، وعمل الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – وعمل أصحابه، ودعا الآباءَ إلى أن يأخذوا أبناءهم بها؛ لينشئوهم جيلاً صالحًا يتحلى بالآداب والفضائل؛ لتسعد بهم الأسرة، وتسعد بهم الأمة، وتكون كما أرادها الله خيرَ أمة أخرجت للناس؛ قال – تعالى -: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) [لقمان: 14 [

وعن عمر بن أبي سلمة أنه كان غلامًا صغيرًا في حجر رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وكانت يده تطيش في الصحفة إذا أكل – أي: تتحرك في الطبق دون انتظام – فقال رسول الله: ((يا غلام، سمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكل مما يليك))، إلى آداب كثيرة استفاضت بها السنة، وثبتت بالنقل الصحيح عن الصحابة.

اقرأ المزيد عن: فن تربية الأطفال وفق تعاليم الدين الإسلامي

وأرشد منهج الإسلام في تربية إلى التلطُّف بالأبناء في التربية والتوجيه؛ حتى لا ينفروا منها، ولا يتبرموا بها، ولتنغرس في نفوسهم في فيض من العطف الأبوي الخالص، وعن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: أنه كان إذا رأى فاطمةَ – رضي الله عنها – مقبلةً قام لها عن مجلسه، وأخذ يدها فقبَّلها، وقد جاءه أعرابي فقال: أتقبِّلون الصبيان، فما نقبِّلهم؟ فقال له: ((أَوَأملك أنْ نزع الله من قلبك الرحمةَ؟))

وندب الإسلام إلى وجوب العدل بين الأولاد في العطاء، حتى يَنشؤوا متحابِّين متعاونين، وأنكر أن يميز بين البنين والبنات؛ حتى لا يحملهم التمايز على عقوق الآباء وجفوتهم.

وينبغي أن يأكل الوالد مع أولاده؛ تأنيسًا لهم، وقيامًا على توجيههم ورعايتهم؛ فعن سفيان – رضي الله عنه -: بلغنا أن الله وملائكته يصلُّون على أهل بيت يأكلون جماعة.

بهذه التعاليم يدعو الإسلام الآباء أن يأخذوا أبناءهم ليسعدوا وتسعد بهم الأمة، وهذه السعادة غاية ما يهدف إليه الإسلام.

شارك

الوسوم

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top